صَمَتَ الكَلامُ..
وعُدْتُ أمضغُ غربَتي..
تَطْفُو عليّ مَوَاجِعِي..
بِحُمولةِ النَّهدِ الجَريحِ..
وَرَجْفةِ الحلمِ العتيقِ..
تَرُوقُنِي يدُكَ الحبيبةُ حينَ تَسْرِي..
في خوابي الأُمنياتْ..
لتُواصِلَ الزَّحفَ المقفَّى بالقبلْ..
ما أنتَ إلّايْ..
حينَ يلفظُنِي العُبورُ..
ليُسْرِجَ صدريْ هَزائمَ لمْ تعاصِرْها الحُروبُ..
كأنَّنِي يا أيُّها المَسحُورُ باللَّحظِ المخبَّأ في ضياعي..
أنتَ..
أو أنَّ الجِّهاتَ حِصارُنا عَطَسَتْ بنا
في وجهِ قُبْحِ سُجُونِنَا..
لا.. لا لَسْتُ إلاَّكَ المَدى
نَهَمًا، تُهَجِّئُكَ الحُرُوفُ بِثِقْلِها كَعِبَارةٍ لَنْ تَنْتَهي..
مَطَرًا، ستُنْجَبُ مِنْ شُعَاعٍ هاتِكٍ لِلْغيمِ..
نارًا تَعْتَلِيْ عُهر القدَرْ..
والعابرونَ يخيِّمونَ ويعبُرونَ مع الغمامْ
لا لَسْتُ مِنْهُمْ...
إنَّنِي رَحِمُ الخَرَابِ..
أَنِزُّ آلافَ المَدائِنِ؛ حيث يَعْدُونِي الصَّهيلْ..
إِنْ فَاتَنِي أَو مَرَّ قَبْلِيْ جُرْحُكَ المَجْدُولُ بِي
جُنَّ الكَلاَمْ..
صَمَتَ المَقامُ
وَعَادَتِ الأَنْغَامُ تُعلِنُ فَقْرَها
بالنَّقْرِ فَوقَ تَقَطُّعِ الأَنْفاسِ خَلْفَ لُهَاثِهَا..
يا أيُّهَا المسكونُ بي..
أَمْشِيْ يُمَدِّدُكَ الطَّريقُ قُبالتِي
تَمْشِي يُجلجِلُ من جَبينِكَ كَوكَبِي..
تَدْجُو عَلَيَّ بِبَعْضِكَ الغَافِي بِكُلِّي
ثم تهوي فِي قَطِيْعَتِكَ الزُّؤَامْ..
عادَ المُدَامُ بِصَفْقِ أَجْنِحَتِي على رَقْصِ الفَرَسْ..
سَكِرَ المَقَامْ..
صَمَتَ الحَمَامُ
يُغَصِّنُ البَاقِي مِنَ الأَكْوَانِ بِيْ..
يَنْسَلُّ مِنْ جَسَدِيْ إلى جَسَدِ الشُّعوبِ جَمِيْعِها
يَرْمِي بِأَثْدَاءِ الخُرَافَةِ ذَاتِها..
وَيَدُسُّ عُرْيَهُ في جُيُوبِ الذَّاكِرَةْ
مُتَنَكِّرا لِلْبَحْرِ يزْبِدُ نَسْلُنَا..
رَكْبٌ مِنَ الفَجَوَاتِ يَبْصُقُنَا على مَهْلٍ
رُعافًا نابتًا من مَجْزَرَةْ
فيما وهاتِكُ موتِهِ الآتي يجزُّ رمادَ بعثهِ..
طالعًا مثلَ المنامِ مُعمَّدًا برتابةِ
الصبحِ المعادِ..
يدقُّ مسمارًا بعُنْقِ هديلهِ ويدكُّ فيه
أصابع الْـ مَرُّوا هنا..
ويشدُّها:
زُمَّ السَّلامُ على الحَمامْ
همسََ الجدارُ
إلى مراسمِ صَلْبِهِ:
أيقظْتَني من صفوةِ الأوطانِ يا بلدي..
كما مَبتورُ ظلٍّ زمَّلَتْهُ روائحُ الموتِ
المعشَّبِ بالهزائمِ
إنَّني جسدٌ تُغَبِّرُهُ نُُدَبْ
يا أيُّها الموؤودُ قُلْ:
جلاَّسُنا ومخابئُ الأفراحِ أينْ؟
ما زلتُ أبحثُ في كواليسِ العربْ..
سقطَ الجدارُ..
وسقَطتُ تَوًَّا في دهاليزِ الْجوابِ
رمادُنا المخصيُّ يُخزِيْهِ الحفاةُ بلا رُفاتْ
يكسونَهمْ والثَّوبُ صمتُ
وكلُّ من يحبونَ غزَّةَ هُم عراةْ
يا أيُّها الوجعُ الذي ما عادَ يضنيكَ التقدُّمُ
بل سيُدميكَ الرُّجوعْ
والرَّميُ في زنزانةِ المنفى
إلى شُبَّاكِ جوعْ
صَرَخَ الجدارُ:
سأحرقُ الميناءَ خلْفي
لن أعودَ إلى القبورِ
ستحملُ الرَّاياتُ جسمي
في جسورٍ من عبوري
لنْ أقومَ لأنكسرْ.. لستُ انكسارْ
لن أندثرْ.. قبلَ الحِصارْ