¨• √ لصوص السـعـــادة ... ¨• √ ® بقلمي

بسم
الله الرحمان
الرحيمْ../



السلآمـ عليكمـ ورحمة الله تعآلى وبركآته ،،

أمــــــآ بعد/:

* لصوص السـعـــادة *

’، ،’

ألك ما تقول يا أحمد كآخر عهد لك بهذه الدنيا ؟؟؟

أطرق أحمد رأسه ، إطراقة تروي ألف رواية وتحكي ألف حكاية ، إطراقة عبسة لها نسائم الحياة وتعكرت من وطأتها رحائب الوجود

أطرق كأنما هوجبل يهتز ينخلع له كل من حاذاه ، آه من ذلك الوجه المشرق حين أطرق

تحس كأنه قرص شمس غابت في سماء تغشاها الغيوم ، أو وردة على شجرة تقطر بعطر الندى اقتلعتها يد شيطان لتعبث بها .

لا يدرك الإنسان في أي المنعطفات قد تعصف به رياح الأيام ، وهل إلى بر الأمان يكون المسير أم في غير ذلك يتقرر المصير .

جلست
أتأمل أحمد في موقفه ذاك ، حين تاه مني رباط النفس في نومة فكرية عادت بي
إلى سنين مضت بأيامها تاركتاً وراءها ذكريات الحس فقط ،،

أطياف تمر بعقل المرء تذكره ما له وما عليه هناك حين عرفت أحمد ذلك الفتى النبيل ،

هو
وحيد أبويه وأوحدهما كان لهما سببا يوجب الحياة وقنديلا يضيؤها ،وكانا له
كالشمس والقمر يتعاقبان لا يكاد يغيب أحدهما حتى يظهر الآخر ،

كل بفضائله ومميزاته لكمال شخصية لطالما حلما بها ممثلة في أحمد .

إلتقيته وقد كان شابا يافعا لا يتجاوز من العمر الخمسة عشر ربيعا ، كأنه رسمٌ لفصل الربيع على أرض البشر ،،

حين جمعتنا معا فصول الدراسة الثانوية ، ولا تزال بنا حتى جعلتنا في فصل واحد بل على طاولة واحدة ،،

هناك تعرفت عليه كأنبل من عرفت ، وأصفى نفس مما خالطت ، وأرق إنسان في من تعاملت ،،

فلا تزال الدنيا بنا حتى جمعتنا على أخوة إن لم يوجدها النسب فقد أوجدتها الحياة ، وإن لم يُقر بها القانون أقرت بها الصداقة ،،

وعلى هذا الحال سارت بنا سفن الحياة من مرحلة إلى أخرى وكلما سارت بنا وأبتعدت قربتنا واحتضنت ،،

إلى أن شاء الله أن نفترق في نهاية المرحلة الثانوية ، وتعمل الحياة كعادتها عملها مع كل واحد منا ،،

فلم نعد نتواصل إلا من خلال رسائل المعايدة ، وبطاقات التهنئة ، ذلك كان حالنا في سنوات الجامعة الأولى .

وها أنذا ألقاه وجها لوجه بعد ثلاث سنوات من الغياب ، دون قدرة المعانقة ، ولا شوق الفؤاد ، بل بحرقة وألم ،،

وراء تلك القضبان يجلس ، وبين مجموعة من الحرس يجثو ، آه من ذلك المنظر كم يؤلم ،،

هناك عرفت قصتك يا صديقي ويا ليتني ما عرفت . حين جاءتني مكالمة أبيك ، تحمل إلي نعي بعضٍ مني ،،

كان صوته عبر الهاتف خافتاً لا يكاد يُسمع ، ونبرة الحزن تعلو كل كلمة يقولها كأنه يخرجها من بئر للأحزان لا من حلق لإنسان .

كان يطلب مني زيارته في البيت . هناك خطر خاطر لنفسي بأنني سأذهب لأودعك أو لأشيع بقايا صداقتنا التي عبثت بها رياح الأيام .

في الغد الباكر حملت نفسي حملا ، كأنني أذهب إلى حتفي أو إلى شيء منه ،

أقف على باب بيتك بعد أكثر من ثلاث سنوات ، أطوف بعيني في أطراف المكان ، كأنني أرغب بالعودة بالزمان إلى تلك الأيام .

طرقت باب البيت كأنني أطرق على باب الفكر أو الذاكرة ، حين فتح لي والدك ، فتح لي باب للجرح وألف باب للأسى والحزن ،

تسبقه دموعه للترحيب بي ، يا الله رحماك ماذا حدث ؟

الآن أجلس بين يدي والديك ، كطائر مبلل ، يبحث عن دفئ يجفف به بلله ، ويدفع به سقمه ، ويداوي به جراحه .

حين بدء والدك يحكي لي ما حدث في السنوات الثلاث التي باعدت الحياة فيها بيني وبينك .

لقد دخل أحمد كلية الهندسة كما تعرف ، وبدء حياة جديدة كنا نرى فيها مستقبله وآماله ، كنا نعيش أجمل اللحضات ونحن نرى ثمرة غرسنا

فقد ملأ أحمد علينا الدنيا بالمرح والسرور ، ونحن نراه
يوما بعد يوم يصبح وردة تفوح بعطر الشذى زرعناه بذرة يوما ما لنراها كما
هي اليوم

كل هذا في شهوره الأولى من الجامعة ، قبل أن نحس في تصرفاته بعض التغيير ،

سهرات ليلية طويلة ، أصدقاء جدد غرباء ، عصبية غير معهودة ، عزلة غير مرغوبة .

لكننا لم نفكر في شيء سوى في كونها تغيرات ظرفية ، في سن المراهقة وستزول بزوال أسبابها ،،

لم ندري ونحن نأخذ قرار عدم التدخل في أموره بأننا نمهد لإنحرافه ونضع أول أسباب إنفلاته ،،

يقطع صوت أمك المبحوح هدوء الجلسة ، بعبراتها المنطلقة قبل كلماتها المرتجفة وهي تقول لي بصوت مهزوز مهزوم :

أنا السبب ، أنا من أخفيت عن أبيه في بادئ الأمر أمر تدخينه ، لولايا لما تطور الأمر .

لتنهار في بكاء مرير ، أغرقني بحر دموعها في بحر أحزاني .

لينطلق والدك من جديد في مأساتك ،،

عرفنا بعدها بمدة أنه يصاحب مجموعة سيئة السمعة في الجامعة ، وأنهم ورطوه في أمر جلل ،،

لقد أصبح أحمد مدمن مخدرات . قالها كأنما يغرز رأس الإبرة في جسدي لا في جسدك .

حاولنا إخفاء الأمر خوفا من الفضيحة ، وأخذنا سمعته وسمعتنا في الحسبان ، لكننا نسينا أن نأخذ مصلحته كذلك

ورحنا نحاول عبثا إنتشاله من حضيض هذا الفتاك الذي قضى على ما بقي من شبابه ،،

غير أن محاولاتنا كانت كهباء منثور ، أو كسراب نحسب أننا نبحث فيه عن نجاته ونحن نزيد من مُهلكاته ،،

ولا يزال الأمر كذلك حتى ...... ثم يسكت والدك ، كأنما يضع ورقة بيضاء ليحمل أخرى مسودة ،،

حتى جاءنا الخبر المشؤوم ، لقد قتل أحمد صاحبه في جرعة زائدة من المخدر .

كان يقولها كلمات ، وأحسها طعنات تًمزق القلب من الوريد إلى الوريد .

وفي نفسي كلمة واحدة تتردد أحمد أحمد ، أحمد .

ها أنا أجلس اليوم في محاكمتك ، بل في محاكمتي أولم تكن يوما ما جزءا مني ،،

أجلس عاجزا عن أي شيء سوى الدعاء ، يا رب لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه .

قطع ذهولي من ذهولك ، وأخرجني من بحار الذكريات ،صوت يأتي من شخص يجاورني في مجلسي ذاك ،،

أحسست معه أن روحي تعود إلى جسدي بعد ما ساحة في فضاء الماضي ، فكأنما يستقبلها جسدي وحواسي بالعزاء ،،

كان المتكلم صديقا لنا في مرحلة الثانوية ، يسأل تراه ماذا سيقول :

لم أعر سؤاله أي إهتمام ، فقد كنت أجيب عليه في قرارة نفسي لا شك أنك تقول ،،

احذروا لصوص السعادة ، لا تغتروا برفقة السوء ، إياكم والإنجرار وراء المخدرات ،

إياكم والهوى والنفس ، أحمق هو من يدفع نفسه إلى ما يظن ، ونفسه تدفعه إلى ما يستيقن .

آه كم تركت وراءك من جرح غائر يا صديقي ، أتراني أعزي والديك أم أعزي نفسي ، أم ألوم والديك أم ألوم نفسي ،،

كيف هانت علي صداقتك فلم أسل عنك ، كيف تركتك لأيدي السوء ، وأخلاق السوء ، كيف كيف كيف ،،

قد لا تنفع الندامة ، لكن دائما ما تنفع الموعضة ،،

فهذه موعضة