الصلاة و السلام على أشرف المرسلين ...
الحمد لله وحده نحمده و نشكره و نستعينه و نستغفره و نعود بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ...
. من يهده الله فلا مظل له و من يظلل فلن تجد له وليا مرشدا ...
... و أشهد ألا إلاه إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله صلى الله عليه و سلم ...
... و على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ...
... ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الخبير ...
... ربنا لا فهم لنا إلا ما فهمتنا إنك أنت الجواد الكريم ...
... ربي اشرح لي صدري و يسر لي أمري و احلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ...
... أما بعد ...
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
Ç لصلاة æ السلام على على رسولنا æ æ آله الطيبين صحابته اجمعين.
اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن
ابي طالب و الحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و على جميع الصحابة و امهات المؤمنين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
موجز من علم مصطلح الحديث
محمود داود دسوقي خطابي
المقدمة
الحمد لله الذي نزل الكتاب تبيانا لكل شيء, وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد -
صلى الله عليه وسلم - الذي نزل الله - تعالى - إليه الذكر; ليبين للناس ما نزل إليهم لعلهم يتفكرون,
وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن من نعم الله - تعالى - العظام أن أرسل إلى الناس عبده ورسوله محمدا - صلى الله وسلم عليه -
بشريعة معصومة غراء, من تمسك بها نجا, ومن ابتعد عنها هلك,
وهذه السنة هي سلم الوصول إلى فهم كتاب الله - تعالى - ورضاه; لأنه -
صلى الله عليه وسلم - أعلم خلق الله - تعالى - بمراد الله - تعالى - وعليه نزل القرآن الكريم, وقد تكفل الله - تعالى -
بحفظ هذا الدين, كما قال الله - تعالى -
إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ([الحجر: 9], فحفظ الله - تعالى -
كتابه من التحريف والتبديل, كما جعله في صدور أوليائه من المؤمنين, الذين جعلهم أهلا وخاصة له - سبحانه وتعالى -
كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
((أهل القرآن هم أهل الله وخاصته
وإن من حفظ الله - تعالى - لسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - أن سخر لها جهابذة
حفاظا لمتونها, باحثين وجامعين لمتونها, ويميزون صحيحها من سقيمها, نقادا لألفاظها وعللها, من خلال علم عرف بعلم "الجرح والتعديل" ;
حيث إنهم يبحثون ويمحصون في النظر في متن الحديث وسنده (إسناده وفيهما معا, مع تتبع أحوال الرواة
وأوطانهم ومواليدهم ووفياتهم, حتى يصلوا إلى الرواة العدول, وتثبت هذه العدالة بأحد أمرين:
أ - إما بتنصيص معدلين عليها; أي: ينص علماء التعديل أو واحد عليها منهم.
ب - وإما بالاستفاضة والشهرة, فمن اشتهرت عدالته بين أهل العلم, وشاع الثناء عليه, كفى ولا يحتاج
بعد ذلك إلى معدل ينص عليها, وذلك مثل الأئمة المشهورين كالأئمة الأربعة, والسفيانين والأوزاعي, وغيرهم; انتهى.
هذا, ويقبل التعديل من غير ذكر سببه على الصحيح المشهور; لأن أسبابه كثيرة يصعب حصرها;
إذ يحتاج المعدل أن يقول مثلا: لم يفعل كذا, لم يرتكب كذا, أو يقول: هو يفعل كذا, ويفعل كذا وكذا ...
أما الجرح فلا يقبل إلا مفسرا; لأنه لا يصعب ذكره; ولأن الناس يختلفون في أسباب الجرح,
فقد يجرح أحدهم بما ليس بجارح.
قسما علم الحديث الشريف
ينقسم علم الحديث الشريف قسمين
الأول: علم الحديث دراية, (وهو المعروف ب "علم مصطلح الحديث") .
الثاني: علم الحديث رواية.
ولكل من العلمين مبادئ ينبغي معرفتها والإحاطة بها; ليكون الشارع فيهما على بصيرة تامة.
مبادئ علم مصطلح الحديث:
درج المصنفون في بداية مؤلفاتهم على ذكر مبادئ كل علم من العلوم التي يتحدثون عنها,
وحيث إن مصطلح الحديث يعد فنا مستقلا بذاته, شأنه كغيره من سائر الفنون, فإن له مبادئ خاصة به,
وهذه المبادئ عشرة, وقد جمعها العلامة أبو العرفان محمد بن علي الصبان
بقوله: "وقد نظمت العشرة فقلت:
إن مبادي كل فن عشره *** الحد والموضوع ثم الثمره.
ونسبة وفضله والواضع *** والاسم الاستمداد حكم الشارع.
مسائل والبعض بالبعض اكتفى *** ومن درى الجميع حاز الشرفا ".
ولذلك فإنه "يحد علم الحديث دراية - وهو المعروف بعلم مصطلح الحديث -
بأنه: علم يعرف به أحوال السند والمتن وكيفية التحمل [فقط الأعضاء والأداء وصفات الرجال
• وموضوعه: السند والمتن من حيث الصحة والحسن ونحو ذلك.
• وثمرته: معرفة الحديث الصحيح من غيره.
• وأول من صنف فيه: القاضي أبو محمد الحسن بن عبدالرحمن الرامهرمزي - الله رحمه -
وسمي كتابه: "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي" .
• واسمه: "علم الحديث دراية" , ويسمى "مصطلح الحديث" ... [وسميت هذا الكتاب: الموجز لتيسير مصطلح الحديث] .
• واستمداده: من تتبع أحوال رواة الحديث.
• وحكمه: أنه فرض عين على من انفرد به, وفرض كفاية عند التعدد.
• ونسبته: إلى غيره من العلوم التباين.
• وفضله: أنه من أشرف العلوم; إذ به يعرف والمردود المقبول.
• ومسائله: قضاياه كقولنا: كل حديث صحيح يستدل به.
التعريف بعلم مصطلح الحديث:
ويعرف بأمرين:
الأول: باعتباره لقبا معين لفن.
الثاني: مفرداته باعتبار.
أما الأول: فيعرف على أنه: "علم بأصول وقواعد يعرف بها أحوال السند والمتن, من حيث القبول والرد
وأما الثاني: فيكون كما يلي:
• العلم: وهو "إدراك الشيء على ما هو عليه, أو إن شئت فقل: معرفة الشيء على ما هو عليه
• مصطلح: وهو لفظ لما يتفق عليه أهل كل فن بحسب اللغة العرفية.
• الحديث: وهو "ما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
من قول أو فعل أو تقرير أو صفة
الهدف من دراسة علم مصطلح الحديث :
إن الهدف من دراسة علم مصطلح الحديث, وهو من علوم الآلة; ذلك لأنه من الوسائل
التي تخدم هذا العلم العظيم, فالهدف من مصطلح الحديث معرفة المقبول والمردود من السنة, ووسيلة إلى معرفة ما يقبل وما يرد من السنن, لكن
كيف نعرف المقبول لنعمل به, والمردود لنجتنبه, إلا بواسطة العلم هذا?
فهو من أهم المهمات, يقاربه قواعد التفسير, أو أصول الفقه كذلك, كلها تخدم وإن كانت من علوم الآلة,
ومثلها علوم العربية بفروعها, إلا أنها مما يضطر إليه العلم طالب.
نبذة [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات.
تاريخية عن نشأة علم المصطلح, والأطوار التي مر بها, وأول من صنف فيه
يلاحظ الباحث المتفحص أن الأسس والأركان الأساسية لعلم الرواية ونقل الأخبار موجودة في الكتاب العزيز, والسنة النبوية, فقد جاء في القرآن الكريم قوله - تعالى -
يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ([ الحجرات: 6], وجاء في السنة قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه, فرب مبلغ أوعى من سامع)) [22], وفي رواية: ((فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه, ورب حامل فقه ليس بفقيه)) [23].
ففي هذه الآية الكريمة وهذا الحديث الشريف مبدأ التثبت في أخذ الأخبار,
وكيفية ضبطها بالانتباه لها, ووعيها, والتدقيق في نقلها للآخرين.
وامتثالا لأمر الله - تعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فقد كان الصحابة -
رضي الله عنهم - يتثبتون في نقل الأخبار وقبولها, لا سيما إذا شكوا في صدق الناقل لها,
فظهر بناء على هذا موضوع الإسناد وقيمته في قبول الأخبار أو ردها, فقد جاء في مقدمة
"صحيح مسلم" عن ابن سيرين: "قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد, فلما وقعت الفتنة,
قالوا: سموا لنا رجالكم, فينظر إلى أهل السنة, حديثهم فيؤخذ, وينظر إلى أهل البدع, فلا يؤخذ حديثهم » [24], وبناء على أن الخبر لا يقبل إلا بعد معرفة سنده, فقد ظهر علم الجرح والتعديل, والكلام على الرواة, ومعرفة المتصل أو المنقطع من الأسانيد, ومعرفة العلل الخفية, وظهر الكلام في بعض الرواة, لكن على قلة; لقلة الرواة المجروحين في أول الأمر.
ثم توسع العلماء في ذلك, حتى ظهر البحث في علوم كثيرة تتعلق بالحديث من ناحية ضبطه,
وكيفية تحمله وأدائه, ومعرفة ناسخه من منسوخه وغريبه وغير ذلك, إلا أن ذلك كان يتناقله شفويا العلماء.
ثم تطور الأمر, وصارت هذه العلوم تكتب وتسجل, لكن في أمكنة متفرقة من الكتب, ممزوجة بغيرها من العلوم الأخرى, كعلم الأصول, وعلم الفقه, وعلم الحديث, مثل: كتاب "الرسالة" , وكتاب "الأم" ; الشافعي للإمام.
وأخيرا, لما نضجت العلوم, واستقر الاصطلاح, واستقل كل فن عن غيره - وذلك في القرن الرابع الهجري -
أفرد العلماء علم المصطلح في كتاب مستقل,
وكان من أول من أفرده بالتصنيف القاضي
أبو محمد الحسن بن عبدالرحمن بن خلاد الرامهرمزي - المتوفى سنة 360 ه -
في كتابه: "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي" -
وسأذكر أشهر المصنفات في علم المصطلح من حين إفراده بالتصنيف إلى يومنا هذا.
حتى استقر هذا العلم بوضع شروط خمسة لقبول الحديث, وهذه الشروط هي
1 - اتصال السند (الإسناد) .
2 - الرواة عدالة.
3 - الرواة ضبط.
4 - الشذوذ عدم.
5 - العلة عدم.
وعلى هذا, فالحديث الصحيح هو: الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط إلى منتهاه, ولا يكون شاذا ولا معللا.
ولقد جمع الشيخ البيقوني هذه الشروط الخمسة في منظومته المشهورة بقوله:
أولها الصحيح وهو ما اتصل *** إسناده ولم يشذ يعل أو.
يرويه عدل ضابط عن مثله *** معتمد في ضبطه ونقله
إذا فالحديث = متن + [سند (إسناد) = (أ + + ب ج + + ه د ...)]
وأما المتن: الحديث نص.
وأما السند: سلسلة الرجال الموصلة إلى المتن.
الصحابي لغة: الصحابة لغة: مصدر صحب, بمعنى "الصحبة" , ومنه "الصحابي" , و "الصاحب" ,
ويجمع على أصحاب وصحب, وكثر استعمال "الصحابة" الأصحاب بمعنى.
الصحابي اصطلاحا: من لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - مسلما ولو لم يره -
كابن أم مكتوم - رضي الله عنه - ومات على ذلك "الإسلام» , ولو تخللت ذلك ردة على الأصح.
التابعي لغة: التابعون جمع تابعي أو تابع, والتابع اسم فاعل من "تبعه" بمعنى مشى خلفه.
التابعي اصطلاحا: من لقي صحابيا مسلما, ومات على الإسلام, وقيل: هو من صحب صحابيا.
[لطيفة]:
ذكر الإمام الذهبي [26] أن أصحمة (النجاشي) - رضي الله عنه -
صاحب وتابع في آن واحد; حيث قال: "كان ممن حسن إسلامه ولم يهاجر ولا انتهى له رؤية, فهو تابعي من وجه, وصاحب من وجه" .
الحديث = متن (نص الحديث) + سند (إسناد) وهو سلسلة الرجال الموصلة إلى المتن.
"...........................( المتن )................... ................"