عرف الناس في هذا الزمان أن أعظم استثمار هو الاستثمار البشري!
أي الاهتمام بالإنسان وتنمية قدراته العقليه والجسديه وتلبيه إحتياجته الرئيسيه من أجل أن يعطي ويبدع. أن هذا الاستثمار هو الاسثمار الحقيقي الذي ينتج عنه نهضة في شتى مجالات الحياة. لو افترضنا أن مؤسسة ما لديها إمكانيات ضخمه وموارد عديده ومواد خام ونظام دقيق ومتقن، ولا يوجد فيها كفاءات بشريه محترفه فإنها بلا شك لن تنجح ولن تنتج ومصيرها الفشل الذريع.
ما دعاني إلى هذه المقدمه هو لفت الانتباه إلى ماهو أعظم من ذلك، إذ أن الإنسان يملك كل مقومات أو على الأقل أغلب مقومات النجاح والاستثمار الأمثل لذاته! ويكون ذلك باستغلال أوقاته وتحديد أهدافه والسعي الحثيث لإستثمارها في النافع الذي يوصله إلى أعلى الدرجات وتحقيق أسمى الغايات.
والاستثمار الأمثل والأعظم المقصود هنا كيف يعمر الإنسان وقته؟ وإذا كنا قد علمنا عن الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه أن أعمارنا بين الستين والسبعين سنه، وهذا هو الغالب وقد تزيد أو تنقص والعجيب في الأمر أن الله سبحانه وتعالى لم يخبر أحداً منا متى يحل أجله وفي أي يوم ينقضي عمره وعلى أي حال تقبض روحه! وهذا فيه معنى جميل ورفيع جداً وهو الحث على بذل الجهد والعمل الدؤوب المستمر الذي لا ينقطع ولا يتوقف بحال من الأحوال. والرائع في شريعتنا الغراء أن سبل الخير والعمل الصالح متنوعه مختلفه كثيرة جداً وهي بالجمله خفيفة على النفس سهلة العمل يسيره التنفيذ وفوق ذلك يجد العامل لذه وسعادة لا مثيل لها وراحة بال وتوفيق ورفعه في حال لا يعرفها إلا من وفق الله لها.
وعلى هذا ينبغي للفطن الكيس أن يلتفت لما هو أسمى دائماً ويبحث عن الفاضل دون المفضول وعن الأكثر نفعاً والأعظم أجرا. وأن يعمر وقته فيما يرفع درجته ويعلي منزلته في الدنيا والآخرة.
وأن يحذر من التمادي في البقاء في دائرة المباح، ولا شك أن المباحات لا أثم فيها ولكن ينبغي التنبه أنها محفوفه بالمحرمات من جهه وبالمستحبات والواجبات من جهة أخرى. وبدون أدنى شك إن كل واحد من البشر يخطئ ويصيب وقد يقع في المعصية والذنب. ولكن معصية دون معصية وذنب دون ذنب في الإثم والعقاب. وكذلك هي الحسنات والأعمال الصالحة فيها تفاوت في الأجر والثواب. هناك بون شاسع بين من يدخل الجنة بلا حساب ولا عقاب وبين من يدخل النار ويخرج منها بعد حين! وفرق كبير بين من يكون في أعلى الجنة تحت عرش الرحمن وبين من يكون في المنازل الدنيا منها.
هي النفس إذا روضتها على معالي الأمور ودربتها على محاسن الأخلاق وعلمتها كيف ترتقي دائماً وتتطلع إلى ما عند الله من نعيم مقيم ومنزل عظيم ، فإنها عندئذ تكون نفس مطمئنه تواقه مؤمنه إلى ربها مشتاقه. فيحسن بذلك العبد العمل فيجد ويجتهد ويكون من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وقبل أن تغلق الصفحة أقول لي ولك ما قاله الله جل وعلا: