نسبه عليه السلام
وقد كان للخليل بنون كما ذكرنا, ولكن أشهرهم الأخوان النبيان العظيمان الرسولان أسنهما وأجلهما الذي هو الذبيح على الصحيح: إسماعيل بكر إبراهيم الخليل, من هاجر القبطية المصرية عليها السلام من العظيم الجليل
ومن قال: إن الذبيح هو إسحاق فإنما تلقاه من نقلة بني إسرائيل, الذين بدلوا وحرفوا وأولوا التوراة والإنجيل, وخالفوا ما بأيديهم في هذا من التنزيل.
وقد أثنى الله تعالى عليه ووصفه بالحلم والصبر, وصدق الوعد, والمحافظة على الصلاة والأمر بها لأهله ليقيهم العذاب, مع ما كان يدعو إليه من عبادة رب الأرباب.
قال تعالى: {فبشرناه بغلام حليم * فلما بلغ معه السعي قال يابني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال ياأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين}
فطاوع أباه على ما إليه دعاه, ووعده بأن سيصبر, فوفى بذلك بأن سيصبر وصبر ذلك على.
وقال تعالى: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا * وكان يأمر أهله بالصلاة واستغفر اللهاة وكان عند ربه مرضيا}
وقال تعالى: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار * إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار * وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار * واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار}
وقال تعالى: {وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين * وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين}
وقال تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ...} الآية
وقال تعالى: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط} الأية. ونظيرتها من السورة الأخرى.
وقال تعالى: {أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل آنتم أعلم أم الله} الآية.
فذكر الله عنه كل صفة جميلة, وجعله نبيه ورسوله, وبرأه من كل ما نسب إليه الجاهلون, وأمر بأن يؤمن بما أنزل عليه عباده المؤمنون.
وذكر علماء النسب وأيام الناس, أنه أول من ركب الخيل, وكانت قبل ذلك وحوشا وركبها فأنسها.
عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((اتخذوا الخيل واعتبقوها فإنها مراث أبيكم إسماعيل)).
وكانت هذه العراب وحشا, فدعا لها بدعوته التي كان أعطي فأجابته
وإنه أول من تكلم بالعربية الفصيحة البليغة , وكان قد تعلمها من العرب العاربة الذين نزلوا عندهم بمكة, من جرهم والعماليق وأهل اليمن من الأمم المتقدمين من العرب قبل الخليل.
عن محمد بن علي بن الحسين, عن آبائه, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((أول من فتق لسانه بالعربية البينة إسماعيل, وهو ابن أربع عشرة سنة)).
فقال له يونس: صدقت يا أبا سيار هكذا أبو جرى حدثني.
وقد تزوج لما شب من العماليق امرأة, فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل, يطالع تركته فلم يجد إسماعيل,
فسأل امرأته عنه?
فقالت: خرج يبتغي لنا.
ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم?
فقالت: نحن بشر نحن في ضيق وشدة وشكت إليه.
قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه.
فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا, فقال: هل جاءكم أحد من?
فقالت: نعم جاءنا شيخ كذا كذا, فسألنا عنك فأخبرته, وسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا في جهد وشدة.
قال: فهل أوصاك بشيء?
قالت: نعم أمرني أن أقرأ عليك السلام, ويقول لك غير عتبة بابك.
قال: ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك, فالحقي بأهلك, وطلقها وتزوج منهم أخرى,
ولبث عنهم إبراهيم ما شاء الله. ثم أتاهم بعد فلم يجده, فدخل على امرأته عنه فسألها?
فقالت: خرج يبتغي لنا
قال: أنتم كيف? وسألها عن عيشهم وهيئتهم,
فقالت: نحن بخير وسعة, وأثنت على الله عز وجل,
فقال: طعامكم ما?
قالت: اللحم
قال: شرابكم فما?
قالت: الماء.
قال اللهم بارك لهم في اللحم والماء.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ولم يكن لهم يومئذ حب فيه. ولو كان لهم حب لدعا لهم" قال: فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه.
قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ومريه يثبت عتبة بابه.
فلما جاء إسماعيل قال هل أتاكم من أحد?
قالت: نعم أتانا شيخ حسن الهيئة, وأثنت عليه, فسألني عنك فأخبرته فسألني كيف عيشنا? فأخبرته أنا بخير.
قال: بشيء فأوصاك?
قالت: نعم هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك.
قال: ذاك أبي وأنت العتبة, أمرني أن أمسكك.
وهي السيدة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي.
وقيل: هذه ثالثة فولدت له اثني عشر ولدا ذكرا, وقد سماهم محمد بن إسحاق رحمه الله وهم: نابت, وقيذر, وازبل, وميشى, ومسمع, وماش, ودوصا, وارر, ويطور, ونبش, وطيما, وقذيما.
وكان إسماعيل عليه السلام رسولا إلى أهل تلك الناحية وما والاها, من قبائل جرهم, والعماليق, وأهل اليمن, صلوات الله وسلامه عليه.
وفاته عليه السلام
ولما حضرته الوفاة أوصى إلى أخيه إسحاق, وزوج ابنته نسمة من ابن أخيه العيص بن إسحاق فولدت له الروم, ويقال لهم: بنو الأصفر لصفرة كانت في العيص. وولدت له اليونان في أحد الأقوال, ومن ولد العيص الأشبان, قيل منهما أيضا.
ودفن إسماعيل نبي الله بالحجر مع أمه هاجر, وكان عمره يوم مات مائة وسبعا وثلاثين سنة, وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: شكى إسماعيل عليه السلام إلى ربه عز وجل حر مكة, فأوحى الله إليه أني سأفتح لك بابا إلى الجنة إلى الموضع الذي تدفن فيه, تجري عليك روحها إلى القيامة يوم.